أما المفسدات فهي المشوشات للعقل كالحشيش والأفيون وسائر المخدرات والمفترات التي تثير الخلط الكامن في الجسد ولذلك تختلف أوصاف شرابها ومستعمليها فتحدث حدة لمن كان مزاجه صفراوياً وتحدث سباتاً وصمتاً لمن كان مزاجه بلغمياً، وتحدث بكاء وجزعاً لمن كان مزاجه سوداوياً، وتحدث سروراً لمن كان مزاجه دموياً، فتجد من متناوليها من يشتد بكاؤه، ومنهم من يشتد صمته، ومنهم من يعظم سروره وانبساطه فشرّاب الخمر تكثر عربدتهم ووثوب بعضهم على بعض بالسلاح ويهجمون على بعض الأعمال التي لا يطيقونها في حال الصحو كما أشار الشاعر, أما أهل الحشيش والأفيون فيصيرون همدة ساكتين انتزعت منهم قوة البطش بل هم أشبه شيء بالبهائم ولذلك تكثر حوادث القتل مع شراب الخمر ولا تكاد توجد مع أصحاب المخدرات، إذ هذه المخدرات تحدث خنوثة الطبع وفساده وقد تجر صاحبها إلى الدياثة على زوجته وأهله فضلاً عن الأجانب.
والمسكرات محرمة إجماعاً وفيها الحد والمخدرات محرمة كذلك وفيها الحد أو التعزير الزاجر عنها.
أما المرقدات فيجوز استعمالها للعمليات الجراحية، قال ابن فرحون المالكي:"والظاهر جواز ما يسقى من المرقد لقطع عضو ونحوه؛ لأن ضرر المرقد مأمون وضرر العضو غير مأمون", وبهذا تنفرد المرقدات عن المخدرات.