وأين هؤلاء الضلال مما تورثه هذه الملعونة من قلة الغيرة وزوال الحمية حتى يصير آكلها إما ديوثاً، وإما مأبوناً، وإما كلاهما, وتفسد الأمزجة حتى جعلت خلقاً كثيراً مجانين وتجعل الكبد بمنزلة السفنج ومن لم يجن منهم فقد أعطته نقص العقل، ولو صحا منها فإنه لا بد أن يكون في عقله خبل ثم إن كثيرها يسكر حتى يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهي وإن كانت لا توجب قوة نفس صاحبها حتى يضارب ويشاتم، فكفى بالرجل شراً أنها تصده عن ذكر الله وعن الصلاة إذا سكر منها وقليلها وإن لم يسكر فهو بمنزلة قليل الخمر.
ثم إنها تورث من مهانة آكلها، ودناءة نفسه، وانفتاح مالا يورثه الخمر، ففيها من المفاسد ما ليس في الخمر، وإن كان في الخمر مفسدة ليست فيها وهي الحدة، فهي بالتحريم أولى من الخمر لأن ضرر آكل الحشيشة على نفسه أشد من ضرر الخمر، وضرر شارب الخمر على الناس أشد إلا أنه في هذه الأزمان لكثرة أكل الحشيشة صار الضرر الذي منها على الناس أعظم من الخمر، وإنما حرم الله المحارم لأنها تضر أصحابها، هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كل مسكر خمر وكل مسكر حرام", وهذه مسكرة، ولو لم يشملها لفظ تعينها لكان فيها من المفاسد ما حرمت الخمر لأجلها، مع إن فيها مفاسد أخر غير مفاسد الخمر توجب تحريمها. والله أعلم". اهـ.
هذا وأسأل الله عز وجل أن يوفق المسؤولين عن الأمم والشعوب في حمايتها من المخدرات المعنوية المتمثلة في المذاهب الهدامة والنظريات المنحرفة فإنها لا تقل في هدم الشعوب والأمم والأفراد عن أختها المخدرات الحسية.