أرجح فأقول: الحكمة في إبطال هذا النوع من التبني، ونزول القرآن بإنكاره وتحريمه_ أن فيه حرمان الأب الحقيقي المعروف من أن يتصل به نسبه المتولد منه، المنسوب إليه في الواقع، وفيما يعلم الله والناس، كما أن فيه إدخال عنصر غريب في نسب المتبنيّ يدخل على زوجته وبناته باسم البنوّة والأخوّة، ويعاشرهن على أساس كل منهما، وهو في الواقع أجنبي عنهن، لا يباح له منهن ما يباح للابن والأخ الحقيقي لهن.
وبقدر ما تتركز هذه البنوة الكاذبة في الأسرة فإن البنوة الحقة في الأسرة الحقة تسير إلى الفناء، والمحو والزوال وبذلك تضيع الأنساب، ويختل نظام الأسر، وتضيع حكمة الله تعالى في جعل الناس شعوباً وقبائل، وفيه وراء ضياع الأنساب، واختلال نظام الأسر تضييع لحق الورثة الذين تحقق سبب إرثهم الشرعي من الأب:(الكاذب المتبني) فلا ترث إخوته ولا أخواته لوجود الابن (الزور) الذي منع ببنوته الكاذبة إرثهم الشرعي، وبذلك تقع العداوة والبغضاء بينهم وبين مورثهم بهذا الدعي الذي تبناه المورّث وضيع به حقوقهم في التركة.
لما أبطل الإسلام التبني بالآية السابقة أراد أن يبطل آثاره، ويمحو نتائجه.
وكان من آثاره أن الولد المتبني يرث أباه المتبني له، فأبطل الله هذا بإنزال أحكام الميراث، وبيان أسبابه، وحصره هذه الأسباب في الأبوة، والأمومة، والبنوة، والأخوة كما سبق.