للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأى عبد الله أن ذلك الأمر عار عليه وعلى أخته، رآه خروجاً على تقاليد البيوت العريقة، والأسر الرفيعة وكانت أخته زينب تشاركه هذا الإباء، وهذه الأنفة، ضنّاً بنسبها العربي الكريم وما زالت زينب وأخوها عبد الله يتأبيان ويمتنعان حتى نزل الوحي بالأمر الحاسم في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينا ً} الأحزاب.

فلا يصح بعد ذلك لرجل ولا لامرأة اختيار أمر من الأمر يخالف ما قضاه الله تعالى وقدره.

وهنا خضعت زينب وأطاعت وانقاد أخوها لأمر الله واستسلم، وتم الزواج فعلاً، وإن كان على كره من زينب وأخيها.

وكان هذا الزواج في حقيقته وجوهره مقدمة لتقرير تشريع جديد، وتنفيذ حكم إلهي عادل. وقع الاختيار على زينب بخصوصها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يحطم الفوارق بين الأُسر، ويجعل الناس سواسية كأسنان المشط, لا فضل لأحد على أحد إلا بالعقيدة الصحيحة، وصالح العمل, فزوّج عبده زيداً من شريفة قرشية من بني هاشم ليحقق المساواة الكاملة بين الناس، ويسقط هذه الفوارق بنفسه في أسرته، وكانت هذه الفوارق من الشدة والعنف بحيث لا يحطمها إلا فعل واقعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم تتخذ منه الجماعة الإسلامية أسوة وتسير البشرية كلها على هداه.