وبعد أن صارت زينب إلى زيد لم يلن إباؤها الأول، ولم يَسْلَسْ قيادها، بل شمخت بأنفها، وذهبت تؤذي زوجها، وتطلق فيه لسانها، وتفخَرُ عليه بنسبها، وبأنها أكرم منه عرقاً، وأصرح منه حرية، إذ لم يجر عليها من الرق ما جرى عليه، فاشتكى منها لرسول الله صلى الله عليه وسلم المرة تلو المرة، وكان رسول الله صلى عليه وسلم يهديء من نفس زيد ويقول له:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} إلى أن صَدر الحكم الإلهي بالتفريق بين زيد وزينب، وأذن الرسول لزيد بطلاقها، فطلقها, ثم بعد أن انقضت عدتها منه تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى ليمزق حجاب تلك العادة, ويكسر ذلك الباب الذي كان مغلقاً دون مخالفتها, وفي ذلك يقول الله تعالى:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} .
وبتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من زينب تحددت الأمور، ووضحت الأحكام، فإذا ما طلق الابن المتبنّى زوجته فما على المتبنّى من حرج إذا هو بَنَى بتلك الزوجة لأنها أجنبية منه، حلال له.