والمدرس الناجح لا بد أن تكون لغته سليمة من العيوب اللسانية، مبرأة من اللهجات العامية، واضحة الكلمات والحروف، مسموعة في أرجاء الفصل، لا تصخ الآذان ولا تخافت، ليس فيها إسراع يضيع المعنى، ولا إبطاء يبعث على الملل.
وينبغي أن يكون الأسلوب جذاباً يثير الانتباه ويبعث على الارتياح، غير عابس ولا جاف، يفسح للفكاهة المهذبة العابرة إذا دعت إليها مناسبة.
وهناك علاقة قوية وصلة وثيقة بين لغة المدرس وبين شعوره نحو طلابه وحبه لمادته ودرسه، فإذا كان المدرس قوياً في مادته، محباً لطلابه, يحس بالراحة والأنس في غرف التدريس، رأيت ذلك واضحا في حركاته ولفتاته وشرحه، وأحسست أن في لغته وأسلوبه تياراً من الكهرباء يضيء ولا يحرق، ورائحة ذكية تنعش أرواح الطلاب دون عطر ولا زهر.
أما إذا كانت لغة المدرس رديئة، تغلب عليها العامية، أو كانت مضطربة قلقة، يبدئ فيها ويعيد دون أن يفهم شيئاً، أو كان المدرس يأكل بعض الحروف، أو ينطق بها محرفة، إذا كانت لغة المدرس على شيء من هذا أو نحوه، مجتها آذان الطلاب، وضاقت بها صدورهم، وفرت منها آذانهم، وتجهمت لها الوجوه, أي شيء يغريهم بالاستماع إلى ما يقول وهو لا يفهمون عنه شيئاً ولا يعقلون؟!
وقد أجري استفتاء عام على طلاب المدارس الثانوية في إحدى الدول المتقدمة الكبرى، استفتاء يذكرون فيه الصفات التي يفضلونها في المدرس، فكان من تلك الصفات التي أجمعوا على تفضيلها في المدرس أن تكون لغته سليمة واضحة متخيّرة.
وقد أجري استفتاء آخر على الموجهين التربويين في إحدى الدول العربية عن الصفات التي يقاس بها نجاح المدرس، فكان من تلك الصفات التي أجمعوا عليها أن تكون لغته فصيحة مفهومة.