ولا بدّ للمدرس الناجح أن يكون نظيفاً حسن البزة دون تكلف ولا مبالغة، والمدرس الذي لا يعنى بحسن مظهره ولا أناقة هندامه، ظاناً أن القيمة كلها لعلمه وأخلاقه وحسن إفادته، هو مدرس لم ينظر إلى الطرف الآخر في هذه القضية، فإن الناس وفيهم الذين يعنيهم هذا الأمر، لهم فيه رأي آخر، فالمظاهر الحسنة كانت ولا تزال لها قيمة تذكر، وسحر يؤثر، ونفوذ عجيب، وإنك لتجد هذا واضحا في شتى شؤون الحياة: في غلف الكتب والمجلات التي تطبع وفي أجسام السيارات التي تصنع، وفي هندسة البيوت التي تبنى، وفي قصائد الشعر وقطع النثر التي تروى، وفي زخرفة الآنية التي نأكل بها ونشرب، وفي الثياب التي نختارها ونلبس، الحقائق وحدها يا بني لا تكفي، لابدّ للحقائق من أن تلبس ثوباً جذاباً يلفت الأنظار ويجذب الأبضار، ولكن إياك إياك والمبالغة والتكلف وتجاوز حدود الاعتدال، فإن لذلك آثاراً سيئة جداً.
هذا يا بني ما أردت أن أقوله لك اليوم، كي تكون مدرساً ناجحاً في المستقبل، وسوف تمدك الدراسة المسلكية والتجارب العملية، والقراءة الدائبة والاطلاع الواسع، بأكثر من هذا وأوسع.
وإني لأسأل الله تعالى أن يهيئ لك البيئة الصالحة والجو الملائم، كي تجد هذه الصفات التي ذكرت طريقها إلى العمل والأثمار، فأسأله تعالى أن يهيئ لك في المدرسة التي سوف تدرس فيها إدارة حازمة عادلة تقول للمحسن قد أحسنت وتقول للمسيء قد أسأت، فيزداد المحسن إحساناً على إحسانه ويرجع المسيء عن التمادي في ضلاله وبهتانه.
وأسأل الله تعالى أن تجد أمامك مناهج على مستوى طلابك، وعلى قدر الحصص المقررة في العام الدراسي، وكتباً جيدة الطباعة، وافية بالمنهج، محضرة بين أيدي الطلاب في بداية السنة الدراسية، وبذلك توفر وقتك وجهدك للتعليم والإفادة، فلا تشقى ولا يشقى من معك من الطلاب في معالجة عيوب المنهج، ولا في تصحيح الكتب المقررة.