ولما كان ذلك لا يتم إلا بالأيدي العاملة والعقول المفكرة والجماعات القوية المتعاضدة رغب الشارع في كثرة النسل وحث فقال صلى الله عليه وسلم:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم"وقال: "تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة" ونهى عن الجب والخصاء والترهب وهجر النساء تبتلا لمنافاة ذلك للغرض الأسمى الذي دعا إليه.
ورغّب في الزواج وأباح تعدد الزوجات بشرطه المشروع.
فحين دعا الإسلام إلى كثرة النسل لهذه الحكم والمقاصد قرر بجانب ذلك وجوب العمل بمختلف الوسائل لإنماء الموارد الاقتصادية في البلاد علاجاً لما يتوقع من تزايد عدد السكان وهو العلاج الصحيح الذي يجمع بين قوة الأمة والعمل على توفير حاجتها الضرورية للحياة.
وإن الأمة لا تسعد إلا بهما ولا تهنأ إلا في ظلهما.
وإن في دعوة الأمة إلى تحديد النسل بصفة عامة إذا هي استجابت لها (وما أظنها تفعل) كل الخطر عليها، فيها ضعفها وانكماشها، فيها ذلتها، واستصغارها، فيها إغراء الأعداء بها، وتمكين الاستعمار من الطمع فيها، بتوالي الزمن والعجز عن استثمار خيرات البلاد بأيدي أبنائها لقلة العدد ووفرة الخيرات كما هو واقع في بعض الأقطار العربية.
ونكرر مرة أخرى أننا حينما نريد للأمة نمواً في العدد نريد منها جداً واجتهاداً في العمل وعلماً نافعاً ينير لها الطريق فيما تعمل وإن تضاعف الجهود كلما تزايد العدد فإذا سلكت هذا السبيل لا يضيرها تزايد عددها بل يعينها على ما هي بسبيله.
أما الكلام عن العزل الذي أشار إليه بعض الكاتبين وحسبه حجة له فمع أن في جوازه خلافا (كما يعلم من مراجعة أقوال الفقهاء والمحدثين فيه) لم يكن في الإسلام دعوة عامة إليه في أي عصر من العصور من عهد النبوة إلى الآن، كما يدعون اليوم إلى التحديد بصفة عامة وهذا كاف في رد الاحتجاج به في هذا الموضوع.