ولنستمع إليه يحمل على الأمير حسين واللورد كرومر والشيخ عبد الكريم سلمان بمناسبة سفر كرومر إلى بلاده، وقد خطب هذا في حفلة أقيمت لوداعه فهاجم الخديوي عباساً والمصريين على مسمع من حسين والشيخ دون أن يحركا ساكناً:
فكأنك الداء العياء رحيلا
لما رحلت عن البلاد تشهدت
أدب لعمرك لا يصيب مثيلا
أوسعتنا يوم الوداع إهانة
مثلت فيه المبكيات فصولا
في ملعب للمضحكات مشيد
وتصدر الأعمى به تطفيلا
شهد الحسين عليه لعن أصوله
والمرء إن يجبن يعش مرذولا
جبن أقل وحط من قدريهما
ولكن من العجائب أن ينسى شوقي إساءة الأمير حسين هذا بعد حين، فيمدحه ويمدح معه الإنكليز، الذين خلعوا سيده عباساً وجاءوا بحسين سلطاناً مكانه على مصر. فيعتبر عمل الإنكليز هذا خدمة لمصر وحفظاً للوائها، ويشبههم بالمسلمين الأولين ويسميهم الأحرار العادلين:
أرقى الشعوب عواطفاً وميولا
حلفاؤنا الأحرار ألا إنهم
ساروا سماحاً في البلاد عدولا
لما خلا وجه البلاد لسيفهم
ملكاً عليها صالحاً مأمولا
وأتوا بكابرها وشيخ ملوكها
والأغرب من ذلك أن يتوارد في كلتا القصيدتين على رويّ واحد وبحر واحد دون أن يتذكر تناقضه العجيب!
ولكن شوقي لا يفوته أن يعتذر عن هذا التناقض بين أمس واليوم، فالذي يهمه هو أن يظل الحكم في آل محمد علي لا فرق بين واحد وواحد منهم. لذلك يرى من الوفاء أن ينصر كل ذي سلطان يقوم من أبناء إسماعيل: