وإذا ثبت هذا الحكم في الوجه فكذلك في اليدين والقبضتين والقدم والضحك والتعجب كل ذلك كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته فيحصل بذلك إثبات ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحصل أيضاً نفي التشبيه والتكييف في صفاته ويحصل أيضاً ترك التأويل والتحريف المؤدي إلى التعطيل ويحصل بذلك عدم الوقوف بإثبات الصفات وحقائقها على ما يليق بجلال الله تعالى وعظمته لا على ما نعقله نحن من صفات المخلوقين.
وأما مسألة الحرف والصوت فتساق هذه المساق فإن الله تعالى قد تكلم بالقرآن المجيد وبجميع حروفه فقال تعالى {ألم} وقال {المص} وقال {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} وكذلك جاء في الحديث: "فينادي يوم القيامة بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب"[٧] .
وفي الحديث:"لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف"فهؤلاء ما فهموا من كلام الله تعالى إلا ما فهموه من كلام المخلوقين فقالوا إن قلنا بالحروف فإن ذلك يؤدي إلى القول بالجوارح واللهوات وكذلك إذا قلنا بالصوت أدّى ذلك إلى الحلق والحنجرة عملوا في هذا من التخبط كما عملوا فيما تقدم من الصفات والتحقيق وهو أن الله قد تكلم بالحروف كما يليق بجلاله وعظمته فإنه قادر والقادر لا يحتاج إلى جوارح ولا لهوات وكذلك له صوت كما يليق به يسمع ولا يفتقر ذلك الصوت المقدس إلى الحلق والحنجرة. كلام الله تعالى كما يليق به وصوته كما يليق به ولا ننفي الحرف والصوت عن كلامه تعالى كما يليق به وصوته كما يليق به ولا ننفي الحرف والصوت عن كلامه سبحانه لافتقارهما هنا إلى الجوارح واللهوات فإنهما من جناب الحق تعالى لا يفتقران إلى ذلك وهذا ينشرح الصدر له ويستريح الإنسان به من التعسف والتكلف بقوله هذا عبارة عن ذلك.