وكلما كان الإنسان أكثر إيماناً كان أكثر استجابة للحق وأكثر نفعاً في الأرض، وكلما كان أوغل في الكفر والجحود كان أكثر عناداً وطغياناً، وكلما كان أكثر نفاقاً كان أكثر خبثاً ومكراً وفسداً.
العقيدة هي التي تحدد هدف الإنسان في حياته:
فهدف المؤمن هو رضا الله، ولذلك يسعى جاداً في الوصول إلى هدفه مهما تحمل من مشاق، مهما واجهته من عقبات، يستعذب في سبيل ذلك المر، ويستسهل الصعب، لا يثنيه عنه كيد كائد ولا تهديد مهدد، لأن الهدف عنده أعلى وأسمى من كل شيء - حتى من نفسه التي بين جنبيه - وهو يسعى إذ للوصول إلى هدفه معتمد على من هو أقدر وأقوى.
إن سحرة فرعون - الذين أراد التغلب بهم على نبي الله موسى عليه السلام عندما خالط الإيمان بشاشة قلوبهم تحدوا فرعون وملكه وجبروته - وقد كان يعتبر إلههم وإله غيرهم - في ثبات وإصرار معللين ذلك التحدي بهدفهم الذي قرروا السير إليه:{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى. قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى. قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} .
وفي قصة أصحاب الأخدود الدليل الواضح على استعذاب أشد أنواع التعذيب والتنكيل واستقبال الموت بصدر رحب في سبيل الوصول إلى ذلك الهدف العظيم (من أراد ذلك مفصلاً فليراجع تفسير سورة البروج في تفسير ابن كثير وغيره) .