ومع تظافر الأدلة النقلية والعقلية على هذا النوع ومع إقرار الفطر به نجد من ينزلون أنفسهم منزلة الحيوان فيلغون عقولهم التي وهبها الله لهم ويصرحون متبجحين، شاذين عن الكون العظيم كله، بنفي وجود خالق ومدبر لهذا الكون، ولم يكن لهذه الطائفة الشاذة أهمية في الأرض من قبل، أما اليوم في القرن الرابع عشر الهجري - فقد قامت دول على أساس هذا الشذوذ المقيت، كروسيا والصين وغيرهما من دول المسكر الشرقي ومن دار في فلكهم - كما لا ينكر تفشي الإلحاد في المعسكر الغربي أيضاً، وهل المعسكر الشرقي إلا وليد الغربي؟!
ورغم أن هذا المذهب الشاذ لم يكن منتشراً في الزمن الماضي إلا أن الله الخبير بخلقه وما سيحدث منهم قبل أن يحدث قد ألقم أهله الحجة الدامغة التي لا تترك مجالا للهروب من الحق إلا العناد والمكابرة والمعان والمكابر لا ينفع معهما دليل قال تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ}
فالآية الكريمة تطلب من جاحد الربوبية الجواب على ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: هل خلق من غير خالق - أي من العدم؟
والجواب الذي لا يقبل العقل سواه أنه لا بد للمخلوق من خالق وأن العدم لا يمكن أن يكون خالقاً.
السؤال الثان: هل خلق الجاحد نفسه؟
والجواب الذي لا يقبل العقل سواه أن المخلوق لا يمكن أن يوجد نفسه والصنعة لا بد لها من صانع، والصانع لا بد أن يكون موجودا قبل صنعته وإلا لما صح أن يكون صانعاً لها.
السؤال الثالث: هل خلق الجاحد هذا الكون العظيم: سماءه وشمسه وقمره ونجومه وكل كواكبه، أرضه وجباله وسهوله وبحاره وأنهاره وأشجاره.