للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب الذي لا يقبل العقل سواه أنه لا خالق لهذا الكون من البشر ولا غيرهم من المخلوقات، وهل يقدر أحد أن يقول: نعم أنا خلقت السموات والأرض؟ لو قال ذلك - ولم يقله أحد - لتحداه المتحدي أن يخلق حبة شعير أو سمسم، أو ذرة ولا قدرة له على ذلك.

إن نمرود عندما لف ودار، وقال: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} قال له إبراهيم: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} لم يقل له إبراهيم أوجد شمساً كهذه الشمس، بل طلب منه تحويل مجراها فقط، إذن فلا بد لهذا الكون من خالق فمن هو؟

جواب المؤمنين بوجود الله واضح فما جواب الجاحدين؟

لملحدي هذا العصر على هذا السؤال جوابان:

الأول: أن هذا الكون وجد صدفة، والثاني أن موجده هي الطبيعة.

ومعنى الصدفة أن هذا الكون كله وجد هكذا من العدم بدون موجد فما حظ هذا الجواب عند العقلاء؟!

لا يشك عاقل يؤمن بوجود عقله وسلامته في تفاهة هذا الجواب الساقط غاية السقوط، ومع ذلك فلا بأس بمناقشته مناقشة مختصرة ليزداد سقوطه وتفاهته وضوحا للصبيان والمعتوهين - لا المكابرين أو المجانين - ولذلك نسوق بعض الأمثلة التي يعترف بها الجاحد.

المثال الأول: أن يقال: هذا القصر الذي يناطح بطوله السحاب ويجثم على مساحة واسعة من الأرض فيه عدد كبير من الغرف المفروشة المزخرفة جمعت فيه كل دوائر المدينة - أي مدينة - الحكومية وضع على باب كل حجرة لوحة كتب بها وظيفة صاحبها من الأمير إلى أصغر موظف استكملت كل وسائل العمل والراحة - يقال: هذا القصر بهذه الضخامة والتنسيق وجد بنفسه لم تصرف فيه نقود ولم يفكر في بنائه مفكر ولم يصنع لبناته صانع ولم يبنه بان وجد هكذا صدفة في لحظة يصعب تمييزها لقصرها!! أترى عاقلا يصدق هذه الدعوى؟!!