لو قيل لك: إن باخرة عظيمة تعتبر أحدث البواخر في هذا العصر كبراً وتنظيماً وإتقاناً تبحر من طوكيو باليابان مارة بمدن الصين والهند وأفريقيا وبريطانيا في أوقات معينة ترسو بنفسها في كل مدينة وتنزل من بها وما بها في تلك المدينة ثم ترفع من تلك المدينة من المسافرين وما بها من الأمتعة إلى المدينة الأخرى بنفسها كذلك، هذه الباخرة وجدت بدون صانع، وليس لها ربان، ولا عمال ينزلون أو يرفعون ما بها، بل وجدت صدفة وتسير من مدينة إلى أخرى في وقت محدد صدفة أيضاً؟ أترى هذا الزعم يصدر من ذي عقل أو يصدقه ذو عقل، ألا يسخر من قائله كل الناس؟ بلى، أهذا لا يعقل في سفينة ويعقل في الشمس والكواكب السيارة بدقة وإحكام مع عظم الحجم ودقة السير {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}
وبهذا تعرف أن القول بالصدفة ما هو إلا سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه.
وإذا كان هذا هو شأن الصدفة فما قيمة الطبيعة في ميزان العقلاء؟!
الطبيعة في اللغة السجية، وتطلق في اصطلاح أهل العصر على أمرين:
الأول: على الشيء نفسه فالمخلوقات هذه التي نشاهدها هي الطبيعة، فالشمس من الطبيعة والقمر من الطبيعة والنجوم من الطبيعة والأرض من الطبيعة، والأرض وما فيها من جبال وسهول وأنهار وحيوان من الطبيعة.
الإطلاق الثاني: على خصائص الأشياء، فحرارة الشمس من الطبيعة وإحراق النار من الطبيعة، وبرودة الثلج من الطبيعة، وشبع الطعام من الطبيعة، وري الماء من الطبيعة وهكذا.