وقد سايرت المملكة ركب الحياة المتقدمة في نهضة عمرانية وتعليمية شاملة، وتوسعت في التعليم، وأنشأت الجامعات استجابة لتطور الحياة والتقدم العلمي والحضاري؛ وانطلاقاً من جو السمات الدينية التي تميزت بها المملكة كان طبيعياً أن تكون كلية الشريعة بمكة المكرمة هي الباكورة المبكرة للتعليم العالي والجامعي، ثم أنشئت كليتا الشريعة واللغة العربية بالرياض، ثم انشئت جامعة الرياض وجامعة الملك عبد العزيز وكرم الله دار الهجرة فأنشئت بها الجامعة الإسلامية لتستقبل أبناء العالم الإسلامي كله من جميع القارات في أفواج مثلت في العالم ٨٥ جنسية.
إن الجامعة هي المرحلة العليا من التعليم تستقبل شبابها بعد أن يجتازوا مرحلة الثقافة العامة التي هي قدر مشترك بين الأمة، والتعليم الجامعي في عصر التخصص ذو نوعيات مختلفة من شعب العلوم النظرية والعملية، كالدراسات الدينية والأدبية والاقتصادية والطب والهندسة والعلوم وغيرها.
وشباب الجامعات هم أمل الأمة وعدة المستقبل ورجال الغد يرثون الماضي لينموه ويطوروه للحاضر، ويهدوه للمستقبل.
والتعليم الجامعي يعاصر من عمر الشباب طاقات جسيمة وعقلية قادرة على التحصيل والبحث واستيعاب المحاضرة ومتابعة الأستاذ في دراسات من أبرز خصائصها سعة الاطلاع والوقوف على المراجع والمصادر وتربية الملكات وتنميتها حتى ترقى إلى درجة الرأي والموازنة والترجيح والاختيار.
ومن هنا كان الأصل في الجامعة أن تخرج العالم لا أن تعد الموظف وأن تفتح أبواب المعرفة من مصادرها وأن تتيح لأبنائها فرص البحث الحر وتشبع رغباتهم وميولهم واستعدادهم قبل أي اعتبار آخر.
ولكن الواقع أصبح غير ذلك ـ على المستوى العالمي ـ فنحن في عصر الاقتصاد والتنمية، والحياة تعدو بأهلها في سباق مع الزمن صار صراعاً، والشباب يتعلم ليعيش، وكل دولة تنظر إلى جامعاتها بمنظار احتياجاتها، وفي ضوء متطلباتها.