ولم يكترث هيلاسيلاسي في البداية بقوة البنادق التسع حتى كان الانقلاب العسكري الذي أتى بالحكام العسكريين الجدد وأطاح (بأسد يهوذا الذي لا يقهر)
وكان لا بد لهؤلاء الحكام أن يوانموا بين مبادئهم المزعومة وبين حقيقة الأوضاع بالنسبة لإريتريا التي تناضل من أجل استخلاص حقوقها، وكان لا بد لهم من مواجهة المعادلة الصعبة على هذه الأرض.
إنهم لا يريدون في حقيقة الأمر أن يتخلوا عن إريتريا لأنهم يدركون أن استقلال إريتريا معناه حرمانهم من منافذ على البحر الأحمر تعتبر بمثابة امتداد للعالم العربي والذي خاض هيلاسيلاسي من أجله معركة جنوب السودان لتكريس انفصاله حتى يمنع النفوذ العربي من التعمق داخل أفريقيا، ولأن إريتريا هي المنفذ الأثيوبي إلى البحر الأحمر فقد دعم هيلاسيلاسي علاقاته مع إسرائيل حتى يمارسا سويا نوبات الحراسة عند مداخل هذا البحر وحتى ميناء إيلات.
وحكام أديس أبابا الحاليون يدركون أن حرمانهم من هذه الميزة الاستراتيجية يضعف الكثير من سيطرتها الاستعمارية بالإضافة إلى كونه سيشجع قيام حركات انفصالية أخرى في الأقاليم التي يعيش فيها النيجريون وفي إقليم الأمهرة وإقليم الجالا الأمر الذي سيمزق سيطرتها أربا أربا.
ولكي يداووا هذا الوضع راحوا يعلنون للعالم أنهم قد اختاروا طريق الاشتراكية باعتبارها واجهة يمكنهم عن طريقها الضرب على نغمة المساواة لامتصاص ما قد يظهر من حركات انفصالية غير أن هذا الأمر قد أوقعهم في ورطة سياسية إذا المعروف أن الاشتراكيين يزعمون أنهم يؤمنون بحق الشعوب في تقرير مصيرها وعلى هذا الأساس لا بد لهم من أن يعترفوا بحق الشعب الإريتري في الاستقلال حتى لا يكونوا متناقضين مع أنفسهم.