إنه لمن الشرف العظيم لي أن أقف بين يدي جلالتكم موقف المتحدث بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن زملائي وإخوتي أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية فأحيي جلالتكم أجمل تحية وأرحب بكم وبصحبكم الأخيار في مدينة الرسول المنورة. وارفع إلى جلالتكم تحية زملائي أساتذة الجامعة.. تلكم الجامعة الفتية التي أسس بنيانها على تقوى من الله ورضوان فكانت صرحاً شامخاً ومعقلاً أميناً للدين الإسلامي الحنيف وحصناً حصيناً لكتاب الله والسنة النبوية المطهرة، تنطلق منه صيحة الحق لتزلزل أقدام الطغاة المضللين، ويستأنس بها الخائف المستجير ويتقوى بها كل مضطرب ضعيف.
والجامعة الإسلامية يا صاحب الجلالة دوحة فينانة نبتت في هذه البقعة المباركة من أرض المملكة العربية السعودية وشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
وإنها لمأثرة خالدة من مآثر الحكومة الرشيدة لهذه البلاد تولت غرسها الطيب وتعهدتها بالعناية والرعاية حتى نمت وترعرعت وامتدت أغصانها الوارفة على العالم الإسلامي كله يتفيأ ظلالها وينعم بخيراتها.
وليس بخاف على ذي بصيرة ما كان للمدينة المنورة من مجد إسلامي تليد حين نشأ بها أول معهد علمي في الإسلام، التقى فيه الكبار والصغار والكهول والشباب جلسوا في رحابه يتلقون الشريعة الغراء على يد معلم الإنسانية الأول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلقوا في مشارق الأرض ومغاربها أئمة دعاة يحملون إلى العالم خير شريعة وأسمى رسالة فهدى الله بهم من اتبع رضوانه سبيل السلام وكانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، وما أشبه اليوم بالأمس والليلة بالبارحة.