يدل على ذلك أن ملك غسان سرعان ما علم بمقاطعة المسلمين لكعب بن مالك من جراء تخلفه عن غزوة تبوك، فأرسل رسالة مع نبطي من أهل الشام قدم بتجارة إلى المدينة، وفي هذه الرسالة قال له: "أما بعد: فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان، ولا مضيعة فالحق بنا نواسيك (كذا) ، ولكنه رضي الله عنه، ألقى هذه الرسالة في تنور فأحرقها دون أن يعيرها اهتماما [٤٨] .
ومما يلهم وجود عيون الروم وصنائعهم الغساسنة قول كعب نفسه في بدر [٤٩] :
وأخبر شيء بالأمور عليهما
ألا هل أتى غسان في نأي دارها
معد معا جهالها وحليمها
بأن قد رمتنا عن قسيء عداوة
لمنخر سوء من لؤي عظيمها
ضربناهم حتى هوى في مكرنا
سواء علينا حلفهما وصميمها
فولوا ودسناهم ببيض صوارم
فهذه الأبيات تشعر أن الأصحاب رضي الله عنهم كانوا يتوقعون أن تصل أنباء بدر إلى ما وراء حدود الجزيرة، إلى الدول المجاورة ذات المصالح في أرض العرب، ولا شك أن الشعور الذي يستقبل به الناس فيما وراء الحدود هذه الأنباء يختلف عن شعور النجاشي، لأن هذا موال وأولئك كفرة مناوئون ... وعلى كل فإن أصداء بدر وآثارها ستبلغ في المستقبل داني البلاد وقاصيها.
أسباب النصر:
ترجع أسباب انتصار المسلمين في هذه المعركة التاريخية الفاصلة من حيث الجوهر إلى السنن التي تشير إليها الآيات الكريمة: