للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكما أن كتب الأقدمين قد تباينت في تحديد التواريخ الدقيقة المتصلة بالأحداث: فإن كتب الغربيين (المترجمة) في هذا الموضوع إنما كتبت لبلادهم في ثقافتها وبيئاتها وعقيدتها ثم هي بعد ذلك لا تبرأ في كبريات الملل كالإسلام من الهوى ولا تخلص من الغرض ولا تسلم من تحامل تصبغه بصبغة العلم وتلونه بلون البحث النزيه لتقبله النفوس المتهافتة على كتاباتهم فيضيع في زحمة الصواب والحق ويختلط فيها الصحيح بغيره عن تعمد مقصود وغرض سيء.

وبهذه المناسبة فإنني أذكر القارئ بأن المستشرقين وإن درسوا اللغة العربية وفهموا قواعدها فما هم بكاشفين أسرارها ولا غائصين إلى أغوارها ولا مدركين دقيق خصائصها فكيف إذا دق مع ذلك كله اصطلاح أهل العلوم واستبهمت أمامهم عبارات كتب العقول فقد يوجز العلماء أحياناً ويبهمون أحياناً مما تصعب الإفادة منه على أهل اللغة أنفسهم وهم الوارثون لمعرفة أسمائها ومسمياتها والعارفون لحقيقة كلامها واستعاراتها.

إن لهؤلاء المستشرقين مع الأهواء أخطاء، ومع الأخطاء تغليق لها باللفائف اللامعة والأوراق المصقولة والطباعة الجيدة والتنظيم المتقن مما يغري بالقراءة ويستهوي الكثير من النفوس لاقتنائها ومن أجل ذلك كانت القراءة فيما يكتبون شديدة الحاجة إلى التبصر والتثبت والتدقيق.

ثم لا ينسى الكاتب قبل ذلك كله وبعد ذلك كله أن ما يكتب للجامعة الإسلامية يجب أن يتصل بحاضر الجامعة الإسلامية وبرسالتها ويعرض كذلك في صورة ما ألف أهل الجامعة وينسج على منوالهم وبأسلوبهم في دقة البحث وسلامة النقل حتى يتهيأ الانتفاع الحق بما يكتب فلا يتنافر فيه ماضٍ وحاضر. ولا يهاجم جديد طائش قديماً صالحاً.