وهذا البحث الحديث حديث الظهور بدأ في أول القرن التاسع عشر (كما مر) تحت اسم علم الأديان، على يد عالمين: أحدهما وهو صاحب الفضل فيه يدعى فردريك ماكس مولر F.M.Muller ألماني الجنسية ولد سنة ١٨٢٣ وتوفي سنة ١٩٠٠م والثاني إنجليزي ويسمى (أدوارد تيلور) R.Tylor ولد سنة ١٨٣٢ وتوفي سنة ١٩١٧م
وقد استفاد الحديث من القديم وزاد عليه وأفاد الدارسون لهذه المادة بتوسع من دراسة المنهجين: من القديم بوصفه ودقته ومن الحديث باستقصائه كل ملة وربط الديانات بعضها ببعض واستنباط العنصر أو العناصر المتحدة فيها ووجوه التشابه بينها، ومعرفة أن التدين ظاهرة وجدت في كل الجماعات البشرية مشتركة بين الأمم المتحضرة والبادية والحاضرة والماضية والبائدة والباقية حتى اليوم مما يجد الباحث نفسه أمام لافتة كتب عليها {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} .
وقد اتسعت جوانب البحث في هذه المادة فشملت القارات الخمس وذهب الباحثون ينقبون في أدغال أفريقية وأستراليا كما شمل البحث الأمم البدائية والأمم البائدة وامتد إلى ما وراء التاريخ المعروف ولم يعد قاصراً على الأمم ذات التاريخ والتدوين وجند له علوم طبقات الأرض والآثار وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأجناس البشرية وعلم اللغات المقارن وعلم التصوير والتمثيل الرمزيين
ذلك العلم هو:
تاريخ الأديان أو تاريخ الملل والنحل
ويقتضينا البحث المنطقي إذا أردنا أن نتعرف حقيقة هذا المركب الإضافي الذي نتكلم عنه أن نتعرف أولاً مفرداته التي تركب منها ثم ننتقل إلى حقيقة ومميزات ما تركب من المتضايفين وإذا عرفنا كل عنصر على حدة سهل معرفة الوليد من اجتماعهما.