الغنائم، وأنها قد تحول دون النصر أو طلب الشهادة، والدليل موافقة القرآن له صلى الله عليه وسلم في ذلك، واعتبر من عصوه من أجل الغنائم مريدي دنيا، ومن ثبتوا مع ابن جبير طلاب آخرة، فقال سبحانه عنهم:{مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ} ولنا عودة مع هذه الآية أيضاً إن شاء الله، وثاني الجملتين قوله صلى الله عليه وسلم:"اللهم إني أشهدك عليهم"، فالإشهاد من شأنه إعفاء المشهد من مسئولية المشهَد عليه، أي أشهد يا الله أن المبلغ قد أدى، فلا تؤاخذه بعمل المبلغين إن لم يؤدوا، ولهذا كررها في حجة الوداع، فإنه وإن كان قد أدركه صلى الله عليه وسلم لهيب عملهم بما نعلم جميعاً، لكن ذلك لا يهمه بقدر ما يخشى أن يلام من ربه على ما قد يحدث، فكان أن نسب الله تعالى إليهم المعصية وليس إليه، فلما أطاعوا في البداية صدقهم، ولما عصوا بعد ذلك سلبهم، وهذا هو أساس التعامل مع الله تعالى إن أردنا، وتلك أيضاً من أهم محاسن أحد، ونعيد الآية لنأخذ من بعضها قصدنا:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} وتحسونهم: تغلبونهم، وفي عامة التفسير، تظهرون عليهم ظهوراً بيناً {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} والابتلاء في الغالب يكون بالشر، والامتحان يكون بالخير، فهو سبحانه امتحنهم بحسهم، وابتلاهم بالصرف عنهم، وقد حدث فعلاً نتيجة لقوله تعالى:{لِيَبْتَلِيَكُمْ} أن قال بعضهم: من أين لنا هذا ونحن مسلمون ورسول الله فينا، فردت الآية: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ