وأخيراً إننا لعلى ثقة أن أولي الأمر في هذه المملكة العزيزة أغير على فضائل هذه الأمة من أن يدعوها لعبث العابثين ومحاولات الهدامين، وأن حملة الأقلام النظيفة بالمرصاد لكل مشبوه يريد بث الفساد في هذه البلاد. ولا جرم أن تعاون الفريقين في هذا المضمار هو السمة الأولى التي تميز الطائفة الظاهرة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس، لحفاظها بعد الإيمان على أمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والله المسئول أن يقي هذه البلاد مزالق الفتن، ومهاوي الفجور، لتظل جديرة بنصر الله ونعمه السابغة.
والحمد لله رب العالمين.
{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}
دخل العرب باب التاريخ الواسع مع الإسلام، وقد ترتب على ذلك أنهم لما خرجوا إلى بلاد الله الواسعة كان لهم دين توحيدي واضح المعالم بين الطريق. وقد حددت لهم العبادات التي يتوجب عليهم أن يقوموا بها ابتغاء مرضاة الله. ولكن ما لا يقل عن ذلك أهمية، ولا ينفصل عنه بطبيعة الحال، هو أن الدين الجديد وضع للناس قواعد خلقية وقوانين أدبية رفيعة، تحدد علاقة الناس واحدهم بالآخر. والإسلام كان، من أول أمره. واستمر على ذلك في تاريخه، يعيِّن للمؤمن سبيل حياته في الحياة الدنيا. ويمكن له من نصيبه في الحياة الأخرى، فلا يهمل الأولى في سبيل الثانية، ومن ثم فقد كان باعثا على العمل ودافعا إلى السير قدما.