عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي عبد الله الأغر - وكانا من أصحاب أبي هريرة - أنهما سمعا أبا هريرة يقول:"صلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء وأن مسجده آخر المساجد". وفي رواية: قال لنا عبد الرحمن بن إبراهيم أشهد أني سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى عليه وسلم: "فإني آخر الأنبياء ومسجدي آخر المساجد "[١٣] .
في هذا الحديث مقارنة بين المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في الثواب كما ورد في هذا الباب حديث آخر يدل على فضل المساجد الثلاثة أي المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى. فهذا السياق يدل على أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم:"مسجدي آخر المساجد", آخر مساجد الأنبياء ولا شك أن هذه المساجد الثالثة أسست بأيدي الأنبياء وتحت إشرافهم فتكون كلمة "أل"في المساجد عوضا عن المضاف إليه فصار المعنى مسجدي آخر مساجد الأنبياء وهذا التأويل يوافق ما ذكرناه في الحلقة الأولى من النصوص الصريحة الصحيحة التي تدل على انقطاع النبوة لجميع أنواعها, فلا بد من تقديم المنطوق الصريح على المفهوم المشكوك فيه كما صرح به علماء الأصول:
ويؤيد هذا المعنى ما أخرجه البزار في مسنده من زيادة في هذا الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم:"ومسجدي هذا آخر مسجد الأنبياء". ذكره المنذري في الترغيب والترهيب وسكت عنه [١٤] وهذه الزيادة أخرجها ابن النجار في الدرة الثمينة [١٥] والديلمي في الفردوس كما أشار إلى ذلك المتقى الهندي في كتابه "كنز العمال" في باب فضل الحرمين [١٦] . وأخرج الهيشمي هذا الحديث في كتابه مجمع الزوائد ونسبه إلى البزار، وقال:"فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف"[١٧] . ولكن مع ضعف هذه الزيادة يستأنس بها لأن سياق الحديث الصحيح يوافق هذه الزيادة.