أما المنزلة العظمى للصوم فهي في قوله صلى الله عليه وسلم:"إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به". مع أن جميع الأعمال لله وجميع الجزاء عليها من الله تعالى ولكنه خص الصوم بهذه الإضافة. فقيل في ذلك إنها إضافة تشريف كالإضافة في "بيت الله". وقيل لأن الصائم ليس عليه رقيب إلا الله كما في الحديث:"يدع طعامه وشرابه من أجلي". وقيل لأن الله يحفظه لصاحبه يوم القيامة إذا تقاضى الناس بالحسنات وأخذ ممن عليه الحق من حسناته توفية لصاحب الحق حتى تنفذ فلم يبق إلا حسنات الصوم فيقول الله:"إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" إلى غير ذلك مما يعظم جوانبها كلها من مراقبة الله تعالى وإخلاص العمل إليه واستشعاره طيلة صومه أنه في عمل اختصه الله لنفسه قيل أيضا إن الله اختصه لنفسه لأن الصائم يتصف بصفة من صفات الله تعالى وهي عدم الطعام والشراب وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخل الجنة فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به. قال:"عليك بالصوم فإنه لا مثل له". وفي الصحيحين عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن في الجنة بابا يدعى الريان يدعى له الصائمون فمن كان من الصائمين دخله ومن دخله لم يظمأ أبدا".
وإذا كانت هذه منزلة الصوم عند الله تعالى فإنها لمن صان صومه وحفظه كما تقدم عنه صلى الله عليه وسلم:"والصوم جُنة ما لم يخرقها" أي بكذب أو غيبة.