وكنا نرجو من الدكتور وهو في عرض القضايا التاريخية عرضاً علمياً أن لا يورد بواعث الإعجاب. هذه قضايا مسلَّمة, لأنها إن سُلِّمَت أن تكون بواعث إعجاب لغير المسلمين فلا يصح أن تكون للمسلمين. فالإنسان إنما يعجب بشيء إذ لم يكن لديه مثله أو أحسن منه، وفي الإسلام - كما يعلم الدكتور - من النظم السياسية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية ما يفوق كل نظام آخر في أوربا وغيرها، وإعجاب من يعجب بأوربا من المسلمين لما يستهويهم عندها مبعثه في الحقيقة جهلهم أو تجاهلهم لما عندهم في دينهم وانصرافهم عن تطبيقه إلى تطبيق ما عند غيرهم.. والعجب ممن يستحسن شيئاً عند غيره وعنده ما هو أحسن منه، أو يستورد من بضاعة الغير ولديه لأفضل مما يستورده، وأكثر فائدة.
٨- ثم يثير الدكتور في محاضرته قضية القومية العربية ويجعلها قمة أماني العرب من الخليج إلى المحيط.. وهي دعوة عنصرية شعوبية استعمارية يناصرها أعداء الإسلام لأن فيها تفريقاً للمسلمين، وتمزيقاً لوحدتهم الإسلامية وإضعافاً لوجودهم. وتمكينا لعدوهم منهم ولا فائدة يرجى للعرب من وراء استقلالهم بقوميتهم وارتباطهم بجنسيتهم، لأن عزتهم وقوتهم وسيادتهم في إيمانهم ووحدتهم الإسلامية لا في عرق أوفي أرض أو وحدة أمل أو وحدة مصير كما يزعم أصحاب هذه الدعوة المنكرة، ولا أمل ولا مصير لمسلم إلا من الإسلام وللإسلام.
ولا نطيل في هذا لأن ما كتب في تفنيد قضية القومية العربية، وبينان مخاطرهم ودحض الدعوة إليها كثير. وهي دعوة باطلة لاغية لن يكون لها أثر، مع قيام دعوة الإسلام دعوة الإيمان والإخاء والوحدة.
وبعد فهذه..النقاط التي رأينا التعقيب عليها إيضاحا للحقيقة وإزالة للشبهة، ونسأل الله أن يوفقنا جميعا ويعيننا على إتباع هداه.
وصلى الله تعالى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والمهتدين بهديه.