لا تزال الشمس كما عهدتها من قبل تشرق ضاحكة مستبشرة، يطفح وجهها بالنور ويفيض بالحياة، تؤمل أن ترى في ديار المسلمين عزا وبزا، واعتصاما وفوزا، فتطوف بالأرض تسأل هنا وتنظر هناك، فلا تجد آخر النهار ما تطمئن به القلوب، ولا ما تقر به الأعين، فيحمر وجهها خجلا، وتلملم أشعتها حياء، وتتوارى عن الأنظار كاسفة حزينة خائبة الرجاء.
أتريد أن ترى القمر؟! لا يزال القمر كما تعهد، يبزغ أول الشهر نحيفاً هزيلا قد تقوس كالعرجون القديم، يطل على ديار العرب وغير العرب من هؤلاء المسلمين، فيرى تلك الاحتفالات بالأعياد القومية في كثير من العواصم وتلك المظاهرات الصاخبة والمعربدة في شوارع المدن الكبرى، ويسمع تلك التصريحات المجلجلة وتلك الخطب المصلصلة، فيظنها زحوف الجهاد إلى المعركة، ويخالها خطب القادة في جنود القتال، فيزداد نوره قوة وجمالا ويزداد جسمه صحة وكمالا، ويطفح وجهه بالسرور، وتفيض أشعته بالبهجة ثم يتبين له كذب ما خال، وباطل ما ظن، فيهزل جسمه من الحزن، ويخبو ضوءه من خيبة، ويتوارى عن الأنظار , تكاد لا تدركه الأبصار.
أتريد أن ترى بهما البحر وأمواج البحر؟!
لا تزال أمواج البحر كما تعهدها من قبل، تضرب شواطئ المسلمين بعنف، وغضب، وتصيح فوق رمالها والصخور الثائرة مزمجرة:
أين أنتم أيها المسلمون من آبائكم وأجدادكم في الزمن الغابر، وأين أنتم اليوم من هذه الدول الكبرى في العصر الحاضر، أين أساطيلكم الحربية التي تجوب المحيطات والبحار، وأين غواصات الذرة وحاملات الطائرات التي تحمي الذمار وتدرأ الأخطار؟!
فيكم عوامل التقدم فلم تتأخرون؟! ولديكم أسباب المنعة والقوة فلم تضعفون؟! كان آباؤكم قادة وورثتم تراث القيادة، فإلى متى هذا الوقوف؟! وفيم الحيرة وهذا التردد؟!