وما أكثر ما وضعت يدي على عيني كي لا أرى بهما أناسا يتصفون بالعلم، وينسبون إلى الدين، وهم يقفون مواقف الملق والنفاق والضراعة في سبيل عرض من أعراض الحياة الدنيا.
ما أجمل التلون والألوان في أزهار الربيع الناضرة تميس على سفوح الجبال، وتكلل بها هامات الروابي، وتغرق فيها بطون الأودية!! ولكن ما أقبح أن ترى التلون والألوان في أخلاق الرجال ومبادئهم على دروب الحياة الوعرة الطويلة!!
ما أكثر ما تأذى الأعين - ومن وراء الأعين قلوب وأنفس- ما أكثر ما تأذى وهي تشاهد أولئك السائحين الأجانب يطوفون بالبلاد كما يطوف البط المختال في برك حدائق الحيوان، ويحدجون أبناء البلاد باحتقار وينظرون إليهم النظر الشزر، كأنما هم حشرات تزحف فوق التراب العفن، أو ديدان تتمطى في الوحل الآسن.
وكم في هذه الحياة من رؤى وصور تقذى بها الأعين، وتضوى بها الأجسام والأنفس، وكم على وجه الأرض من أعمال أناس يكون فيها العمى من نعم الله.
فلا تذهب نفسك يا صديقي على ما فقدته حسرات، وليكن لك في عبد الله بن عباس أسوة مبصرة حين فقد بصره في أواخر عمره فقال:
ففي لساني وسمعي منهما نور
إن يسلب الله من عيني نورهما
ولتنظر إلى بشار بن برد كيف ألهم الحكمة وملأ الآذان صوابا:
وليس بعار أن يقال ضرير
وعيرني الأعداء والعيب فيهم
فإن عمى العينين ليس يضير
إذا أبصر المرء المروءة والتقى
وإني إلى تلك الثلاث فقير
رأيت العمى أجرا وذخرا وعصمة
صديقك
عبد الرءوف اللبدي
... هذه العصبية الدينية الإسلامية التي تتزعمها السعودية أمر مخيف ...
ففيه تعطيل لكل أمل لدينا -لدى إسرائيل - في أن نستطيع التعايش السلمي يوما مع غير التقدميين العرب ...