كما يحتاج إلى معرفة واسعة أيضاً بأحكامه الشرعية إلى جانب موهبة فنية وشيء من التخصص في الفن الإسلامي الأمر الذي جعلني أرجع فيه إلى القديم، الذي فيه كل ما أريد، فبحثت في كتب الفقه والحديث، فلم أجد أحكامه إلا متفرقة وبشكل خاص في كتب الفقه، فأنت تجدها في حكم اللباس، وفي حكم إجابة الدعاء إلى الوليمة وحكم كسر الدف، وباب الحظر والإباحة، فهي غير مجتمعة في باب واحد مما دعاني إلى مزيد من البحث والتنقيب وإني لا أزال بصدد هذا الموضوع أجمع وأطالع ما يقع تحت يدي من كتب تتعلق به حتى تكتمل جوانبه لدي إن شاء الله. وأستطيع أن أبرزها لقراء المسلمين نقية سليمة خالية من كل شائبة.
لم يكن الإسلام مفرطاً في أي حكم من أحكامه بل وزعها توزيعاً عادلاً وسطاً، إلى جانب من الشمول التام في هذه الأحكام بحيث أنها أحاطت المسلم بهالة إيمانية تامة نستطيع أن نرى آثارها في جوانب حياته عامة، وهذا الشمول التام والتكامل المتناهي يتضح لنا بقوله تعالى:
وهذا الشمول هو الذي جعل للمفن [٣] المسلم نصيباً وافياً في هذه العقيدة وأحكامها.
والمفن إنسان يمتاز بمشاعره الرقيقة والحساسة التي تتأثر بكل ما حولها وتحاول أن تعبر عنها كيفما تشاء.
وكما نرى من هذا التعريف للمفن بأن مجال الأهواء مفتوح للنفس وليس هناك من مقياس يلتزمه المفن في أعماله. لذا فقد جاء الإسلام بمبدأ الالتزام الذي حدد فيه الطرق التي ينبغي على المفن المسلم أن ينتهجها في أعماله الفنية، فلا يخضع للنفس وشهواتها أو الهوى وضلالاته، وخاصة في مسألة كهذه تعتمد على المشاعر النفسية الخاصة.