وقد نتج عن هذا كله أن المسلمين في تلك المناطق يَحْيَوْنَ حياة الضعف والهزال، ولا تتميز لهم شخصية عن غيرهم، بل إن حياتهم داخل بيوتهم بالاختلاط الشديد بين الرجال والنساء - وخارج بيوتهم - بالتزامهم زي غير المسلمين وسفور المرأة المزري- لا تفترق عن حياة غير المسلمين بحيث إذا دخلت بيتا - دون أن تُنبّه إلى أنه بيت مسلم - يصعب عليك أن تعرف أنه كذلك، وإذا قابلت مسلماً في أي طريق - دون أن تنبه أنه مسلم - من العسير عليك أن تعرف أنه كذلك أيضاً. وفوق ذلك لا يجد أدنى حرج في أن تظهر زوجته وبناته بهذا اللون السافر داخل بيته أمام غير المحارم، أو أن يسرن بجانبه على تلك الهيئة في الطرقات. بل أنه أكثر من ذلك إذا زرت مسلما في بيته أو دعاك لتناول طعامه، فإنه يسرع إلى تقديم زوجته وبناته ابتغاء السلام عليك ومصافحتك والجلوس إليك والتحدث معك، بل ومشاركتك على المائدة في تناول الطعام دون حياء.
فضلا عن ذلك فإن المسلمين في تلك البقاع تسمى بعضهم بأسماء عربية حرفت حتى ما تكاد تلمح عربيتها مما شابهت به أسماء غير المسلمين مثل اسم رمضان حرف إلى رمزا، ورمزان، ورام جون، واسم نذير حرف إلى اسم نادير. كما تسمى بعض المسلمين بأسماء غير إسلامية أو عربية مثل: بيير، وجولشير، وشيرين، ومورين، وزبار، وفرنكلين. الأمر الذي تنطق معه حالة المسلمين في تلك المناطق بذوبان شخصياتهم في غير المسلمين دون قصد منهم لذلك، بل مما توارثه خلفهم عن سلفهم ردحا طويلا من الزمن، لم يقم فيه بينهم ذو لسان صدق يمييز لهم الخبيث من الطيب، ويبصرهم - في جرأة المؤمن وشجاعة الناصح وإخلاص الموجه - بالحق الذي شرعه الله عز وجل.