ولسوف تنمو يا بنيي عظامك، ويشتد عودك، ويصلب ساعدك، وينضج تفكيرك، وعندها يتحتم عليك أن تهجر سنة التقليد، وتعود إلى الإيمان بفكر جديد، ورأي سديد واختيار رشيد، فما أريدك يا بني مقلدا في إيمانك، أو تابعا جاهلا لإمامك، أو ملفقا للأحكام في عبادتك ومعاملاتك.. لا، بل أريدك مؤمنا بالله تعالى عن يقين نابع من العلم، وتبصر قائم على الاجتهاد، لتكون من بعد ذلك كله أسدا من أسود الدعوة، وكوكبا في سماء الإرشاد والهداية، ولكي تنضم إلى ركب المجاهدين الأعلام، والمناضلين من أجل الإسلام، الذين يرفعون اللواء ويكابدون اللأواء، ويواجهون الصعاب ويستعذبون العذاب، لكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى والله عزيز حكيم!
طيفك في الرؤيا:
كم يسعدني الآن يا صغيري أن أرى في المنام طيفك، وقد ضاعفت لله تعالى خوفك، وشهرت لإعلاء كلمته سيفك، وملأت بعبادته خريفك وشتاءك وربيعك وصيفك، وطهرت له من السحت والحرام جوفك، وأقريت في الشدة والرخاء ضيفك، وكففت في الغضب والرضا ظلمك وحيفك..
إذن لفاخرت بك الأقربين والأبعدين وشرفت بصحبتك في أعلى عليين، ودعوت ربي أن يحقق فينا قوله المبين:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} ٢١- الطور.
نعم.. يا ولدي! أولست تدري أن الولد الصالح امتداد لعمل أبيه في الآخرة؟ أو لست تدري كيف تكون أرواح المؤمنين بالشوق إلى أبنائهم طائرة؟ وكيف أعينهم بالرجاء إليهم يوم القيامة ناظرة؟