للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما قيمة المرء بدون عقيدة تحييه وتبعث الأمل فيه؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} . ما قيمة حياتك إن عشت والعياذ بالله دون هدف؟ كالعجماوات التي ترتع وتلعب انتظارا ليوم الذبح! لا! لن تكون أبدا ذلك الذبيح على معبد الشهوات، وإن الله تعالى لأرحم بي وبك من أن يجعلني في موضع الرثاء لك والإزراء عليك، أو يجعلك في موقف الذل الذي تجلبه المعصية، أو الشماتة التي يعقبها الشيطان.

والمسألة يا بني ليست مسألة رأى وهوى، فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: "لن يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".

مولود على الفطرة:

دعنا أيها المولود السعيد نقف موقفا حاسما من أمر معاشك ومعادك..

إنك الآن يا قرة العين مولود على الفطرة بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". وقد اختار الله لنا ولك الإسلام دينا. وتالله إنه لأكمل الأديان وأجملها، وكتابه المجيد أحكم الكتب المقدسة وأشملها ونبيه الكريم أفضل الأنبياء وخاتمها. وهو دين الفطرة الحكيمة يا بني. دين البشرية التي تعرف مقاصدها وتتلمس طريقها من أجل خلاصها. دين لا يأمر بفرض إلا ذكر علته في تقدم الإنسانية ورقيها وعزها، ولا ينهى عن أمر إلا ذكر أثره السيئ في إيلام النفس وإذلالها. دين يقف موقف الاعتدال من الطبيعة البشرية، فلا يكتم أنفاسها مرة واحدة، ولا يُرخي لها العنان في مجال العصيان. دين يستقيم مع فطرة البشر وسلوك الإنسان ولا يكلفنا من أمرنا شططا: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ٣٠ - الروم.