وإنا لنرى عجز الإنسان واضحا حتى فيما يظن أنه يملكه ويختص به ومن شأنه هو، كفضائله الذاتية وخصائصه البدنية. إذ أنه لا يستطيع نقل هذه الفضائل وتلك الخصائص إلى أحب الناس إليه وهم أولاده، إلا إذا أراد الله ذلك. فالقوي لا يملك بالحتمية أن يجعل ابنه قويا إلا إذا أراد الله ذلك. والذكي لا يمنح ابنه ذكاءه إلا بمشيئة من الله تعالى. والجميلة لا تأتي ابنتها جميلة، والقبيحة قد تأتي ابنتها جميلة، ورغم ما يقال عن قانون الوراثة فإن تناقضه وتخلفه كثيرا من جيل إلى جيل يرد الأمر إلى القوة الخفية التي تدير القانون وتنفذه أو لا تنفذه، وتمضيه أو تثنيه. {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
فإذا تركنا ما هو مرتبط بذات المخلوق إلى ما يعرض له من عوارض نجد أن الحال واحد لا يختلف الأمر فيهما. فالإنسان لا يملك أن يجعل ولده سعيدا أو شقيا، غنيا أو فقيرا، عظيما أو حقيرا.
وإنما هي عيوننا الشاخصة صوب السماء بأحر الدعاء تسأل الله أن يجعلهم سعداء أغنياء، وأن يجنبهم الفقر والشقاء.
وإننا لنجد أحرص الناس على المال قد يرزقون بأفسد الأولاد للمال. وقد نجد أنشط الناس للجد والعمل يرزقون بأولاد لا يفهمون للحياة معنى سوى النوم والكسل، والتواكل والفرار من المسؤولية.