للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله {إِذَا هَوَى} العامل في إذا فعل القسم، فإنه بمعنى مطلق الوقت منسلخ من معنى الاستقبال. كما في قولك: آتيك إذا احمر البسر. فلا يعترض بأن فعل القسم حال، وإذا لما يستقبل من الزمان، فلا يتلاقيان. وقوله {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} هذا جواب القسم، وفي الإقسام بالنجوم على ما ذكر فن من البلاغة بديع، فإن من شأن النجم أن يهتدي به الساري، وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم من رغب عن سبيله ضل، كما أن القرآن علم في الهداية إلى مناهج الدين، ومسالك الحق، وإنما عبر بالصحبة لأنها - مع كونها أدل على القصد - مرغبة لهم فيه ومقبلة بهم إليه، ومشنعة عليهم تكذيبهم به، وهم يعرفون طهارة شمائله. والضمير المنصوب في {عَلَّمَهُ} قيل عائد على الرسول صلى الله عليه وسلم فالمفعول الثاني محذوف أي علمه الوحي. وقيل عائد على القرآن فالمفعول الأول محذوف أي علمه الرسول. وقوله {فَاسْتَوَى} يجوز أن يرجع الضمير فيه إلى محمد صلى الله عليه وسلم كأنه قيل علمه جبريل فتعلم واستقام، ذكره الماوردي. وقيل الضمير فيه راجع إلى جبريل والفاء للعطف على علمه والتقدير علمه جبريل فارتفع إلى مكانه في السماء أي بعد أن علمه، وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، أو فقام وظهر في صورته التي خلق عليها. وقيل الضمير فيه راجع إلى الله عز وجل أي فاستقر على العرش، وهذا قول الحسن. وقوله {وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى} الضمير فيه راجع إلى جبريل والواو للحال، أي علمه صاحب هذه الصفات حال كونه بالأفق الأعلى. وهذا بيان لحال من أحوال التعليم. وقوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى} بيان لحال أخرى من أحوال التعليم. وقوله {أَوْ أَدْنَى} {أَوْ} فيه بمعنى بل التي للإضراب الانتقالي. وقوله {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} الظاهر أن فاعل أوحى هو جبريل والضمير في