وقوله {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} اللام فيه موطئة للقسم، و {نَزْلَةً} قيل منصوب على الظرفية نصب الظرف الذي هو مرة لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل فكانت في حكمها والتقدير ولقد رآه مرةً أخرى. وهذا مذهب الفراء. وقيل منصوب على المصدر والتقدير: ولقد رآه نازلا نزلة أخرى. والضمير المنصوب في {رَآهُ} عائد على جبريل أي رآه محمد مرة أخرى أو نازلا نزلة أخرى في صورة نفسه. وقيل راجع إلى الله عز وجل كما هو مذهب ابن عباس ويقول:"إن محمدا رأى ربه مرتين". و {عِنْدَ} في قوله {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} ظرف لرآه أو حال من الفاعل أو المفعول أو منهما. وإضافة {سِدْرَةِ} إلى {الْمُنْتَهَى} إما من إضافة الشيء إلى مكانه، كأشجار البستان. أو من إضافة المحل إلى الحالِّ مثل كتاب الفقه. وقوله {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} جملة حالية والضمير راجع إلى السدرة. وقيل ويحتمل عند النزلة. وقوله {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}{إِذْ} ظرف زمان لرآه و {مَا} موصولة في محل رفع فاعل. وإنما عبر بالموصول لما في الإبهام من التفخيم والتعظيم. كما أخر الفاعل للتشويق. وقوله:{مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} مستأنف لتحقيق الأمر ونفي الريب عنه صلى الله عليه وسلم وقوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} اللام واقعة في جواب قسم محذوف. و {الْكُبْرَى} إما مفعول به لرأى، ومن آيات ربه حال مقدمة. والتقدير: لقد رأى الآيات الكبرى حال كونها من جملة آيات ربه. وإما صفة لآيات ربه وعليه فقوله:{مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ} هو المفعول به و {مِنْ} تبعيضية: أي رأى بعض آيات ربه الكبرى. ومثل هذا الجمع يوصف بوصف المؤنثة الواحدة. وقد حسنه هنا كونها فاصلة، كما في قوله:{لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} .