وهذه نظرية الغبن لم تكن موجودة بل لم تكن نظرية الالتزام تجيزها فقد كانت النظريات الفردية تقضي بوجوب ترك الفرد حراً في تعاقده يلتزم بما أراد مهما أصابه من غبن في ذلك، ولما تبين فساد هذه النظريات أدخلت نظرية الغبن على بعض العقود ثم أخذت تتسع حتى أصبحت في القوانين الحديثة نظرية عامة تنطبق على جميع العقود، وهكذا كان لنشوء أفكار عن الحياة تخالف الأفكار القديمة أثر في بيان نظرية الالتزام ولم يقتصر الأمر على ذلك بل كان استعمالها مختلف الآلات الميكانيكية وتقدم الصناعة ووجود حروب عالمية قد أوجد مسائل عملية تبرز فساد نظرية الالتزام إذ إن استعمال الآلات اقترن بمخاطر جمة يستهدف لها الناس ولم تكن نظرية الالتزام تجعل المسؤولية إلا على الشخص، فظهر عدم صلاحيتها ووضعت المسؤولية على الخطأ المفروض، وصار إلحاق أي أذى في العامل يلزم صاحب العمل بالتعويض وهذا لا تقتضي به نظرية الالتزام، وصار عقد التأمين لا يقتصر على الشخص بل يشمل الغير فوجدت نظرية الاشتراط لمصلحة الغير، كما إذا أمّن شخص على حياته لمصلحة أولاده سواء أكان له أولاد وقت التأمين أم لم يكن له أولاد حين التأمين، وهذا يخالف نظرية الالتزام بأنها رابطة بين شخصين، والأولاد الذين لم يوجدوا لا يدخلون في هذه الرابطة مع أن العقد أصبح يدخلهم، وعلاوة على ذلك فإن نظرية الوفاء بعملة نقص سعرها، وفي التسعير الجبري للسلع والتقدير الجبري للأجر، وفي عقود التزام المرافق العامة ما يناقض نظرية الالتزام ومع ذلك أدخلت في القوانين الحديثة وهي تدل على فساد نظرية الالتزام وعدم صلاحها، وزيادة على ذلك فإن النظرية التي تقضي بأن الغش يفسد العقد، والقاعدة القائلة بأنه لا يجوز الاتفاق على ما يخالف الآداب، والنظام العام والالتزام بوجوب الامتناع عن الإضرار بالغير دون حق والإثراء بلا سبب الذي يمنع الشخص أن ينتفع على حساب غيره، كل ذلك يخالف نظرية الالتزام ويدل على