قوله {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} كم في محل رفع على الابتداء، والخبر لا تغني، وأفردت الشفاعة على قراءة الجمهور لأنها مصدر، ولأنه لو شفع جميعهم لواحد لم تغن شفاعتهم عنه شيئاً. وجمع الضمير في شفاعتهم مع إفراد الملك باعتبار المعنى أي وكثير من الملائكة. وقوله {شَيْئا} مفعول مطلق أي شيئاً من الإغناء. واللام في قوله {لِمَنْ يَشَاء} بمعنى في. والواو في قوله {وَيَرْضَى} لمطلق الجمع. وإذنه تعالى لا يصدر إلا إذا رضي عن عبده المذنب فإذا رضي عنه أذن للشافع أن يشفع له، وهو سبحانه لا يرضى إلا بالتوحيد. وقوله {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى} التعبير بالاسم الموصول لتسجيل كفرهم وللإشارة إلى نوع الخبر وأنه من نوع القبائح. فإن قيل: زعمهم لشفاعة أصنامهم إيمان منهم بالآخرة؛ قلنا: هم لا يجزمون بالحشر ويقولون إن كان حشر فهم يشفعون. وقوله:{وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} حال من فاعل يسمون، أي يسمونهم والحال ألا علم لهم بما يقولون أصلاً، وعلم مبتدأ مؤخر، ولهم خبر مقدم. وقوله:{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} الفاء فصيحة. وكان مقتضى الظاهر أن يقول {فأعرض عنهم} ولكنه وضع الموصول موضع الضمير للتوسل به إلى وصفهم بما في حيز الصلة من الأوصاف القبيحة مع تعليل الحكم بها. وقوله:{ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْم} قيل الجملة مقررة مضمون ما قبلها من قصر الإرادة على الحياة الدنيا. والإشارة فيه قيل إلى ما هم فيه من التولي وقصر الإرادة على الحياة الدنيا. وقيل الإشارة إلى جعلهم الملائكة بنات الله. وقيل إلى الظن أي غاية ما يعلمون أن يأخذوا بالظن. وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ