ولا شيء أفعل في تحقيق هذه المعاني في قلب المسلم من كلمة الحق يسمعها في بيوت الله مؤيدة بآيات الوحي من كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أدل على ذلك من توكيد الشريعة على حضور الجماعة في صلوات النهار الخمس وظهيرة الجمعة، وإيجاب صلاة العيدين على كل مكلف من ذكر وأنثى، حتى الحيض والعواتق كيلا تفوتهم المشاركة في شهود الخير، والتفاعل مع روحانية الجماعة، لتستمر للفرد صلته الوثقى بأمته وملته، فتظل الأفكار متقاربة، والأذواق متناغمة، فلا يجد الشيطان مجالا للتسلل إلى وحدة الصفوف..
تلك هي رسالة المسجد في أوضح صورها، وحين تؤدى هذه الرسالة على الوجه الصحيح، لن يتعرض المجتمع الإسلامي لمثل هذه الهزات التي تهب عليه من كل صوب، حاملة إلى أجياله جراثيم التشكيك والتخريب تحت مختلف الأسماء والعنوانات...
ولكن المسجد أوشك أن يفقد سلطانه على النفوس بعد هذه التطورات التي سلخته من معظم مقوماته، وسلطت عليه حتى من لا يؤمن برسالته، فهو اليوم في جل ديار المسلمين أداة شلاء لا يكاد يؤدي أي وظيفة اجتماعية هادفة، بل لا نغالي إذا قلنا إنه بما يعتوره من المعوقات المختلفة، لا يزيد الواقع الاجتماعي إلا بلبلة واضطرابا.
لنبدأ من هنا:
على ضوء هذه الأحاديث وجدتني وأنا أهم بكتابة هذا البحث أتساءل: ما الحصيلة التي سيرجع بها المجتمعون في هذا المؤتمر إلى بلادهم؛؟ ... وإلى أي مدى يمكنهم أن يضعوا مقرراتهم في حيز التنفيذ؟ ...