للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن كل مجهود يبذل لتوفير هذه المصالح سيظل أبتر معرضاً للخلل فالزوال، إذا لم توجه مثل هذه العناية إلى نوعية الرجال الذين سيشرفون عليها. ولهذا نرى أن أول الشروط التي على أساسها يختارون هو الكفاية الخلقية ثم الكفاية العلمية، فما ينبغي لغير مؤمن بهذا الدين أن يعهد إليه بالإشراف على المسجد وملحقاته، ولا يصح أن يوسد أمرها إلى خبير عليم اللسان فاسد الجنان، لأنه واحد من زمرة الشياطين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، كما أنه سيكون من الجناية على المشروع أن يعين لها الدراويش من ذوي التقوى، الذين لا يملكون نصيباً وافياً من العلم العاصم، لأن تولية أي من هؤلاء سيكون نذيرا بدماره حسب منطوق الحديث الصحيح: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" وقد فهم أولو العلم أن المراد بالساعة هنا ساعة خراب الأمر.

إن المسجد الجديد لا يصلح إلا بما صلحت به أوليات المساجد التي أسست على تقوى من الله، وفي رأس ذلك الجمع بين العلم والإيمان، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإصلاح أوضاع المشرفين الأعلين على مصاير المساجد في بلاد المسلمين، فلا يرفع إلى تلك المناصب من لا خشية عنده لله، ولا غيرة على حرمات الإسلام، وإني لأكتب هذه الكلمة وفي رأسي ذكرى يوم رافقت فيه أحد مديري الأوقاف في بلد مسلم إلى أحد المساجد التاريخية، وهناك أدركتنا صلاة العصر فإذا هو يستعجل بفراقنا لأنه لايريد الصلاة _أو لا يعلم كيف يصلي_ وما أكثر هؤلاء في معظم ديار المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

نعم.. لابد من التركيز على نوعية الخطيب والمدرس والإمام والمشرف العام، فكم من إمام لا يحسن إقامة الآية من كتاب الله، وكم من خطيب لا يصلح إلا للتنفير من دين الله، وكم من مدرس يعلم الناس الخير، وهو غارق بالفساد إلى صماخيه....