للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعارف، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فإن هنا أكدت معنيين، أولهما تأكيد الأخوة، وثانيهما أن تكون فقط بين المؤمنين، ومن تحت ذلك فيقف أمرهم عند التعارف، وأن نبرهم ونقسط إليهم، ما لم يكونوا مقاتلين أو مخرجين من الديار، وإلا فلا بر ولا قسط، والمكرمات عند الله للمؤمنين الأتقياء رتب تتفاوت، وقد جعلت الآية في النهاية أعلى الرتب في المكرمات، لمن انتقل من تقي إلى أتقى، فلم يقل سبحانه تقيكم، وإنما قال {أَتْقَاكُمْ} ، ولهذا جاءت الكلمتان بصيغة تفضيل واحدة {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} أما ختام الآية {عَلِيمٌ خَبِيرٌ} فمتصل ذكر فيها_ كما هو في كل آية في القرآن الكريم_ عليم بخلقكم الذي أعلمتكم به، لكن خبرته بأتقاكم ينفرد بها {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} ذلك هو توضيح الآية التي لم نعمل بها، والتي يقرؤها الكثير ولا يعرف قصدها، والله بقصدها أعلم، فلما فهمها أهل القرآن يوماً اتحدوا عليها، فلم يتفاضلوا فيما بينهم، إلا بعمل ما يجعل الواحد منهم يطمع أن يكون من الأتقى، فلما صُمَّت الآذان عن هذه الدعوة المؤلّفة، الأمر الذي كما قلت لم يسلم منه مسلمو اليوم، صار منا العنصريون والمميزون والمفرقون، وأصبحت هذه الكلمات الكريهة لها في أوساط المسلمين وجود، وسنحاول إن شاء الله أن نأخذ من ذلك شيئاً من قديم واقعنا وجديده، كأمثلة فقط تتجمع منها كلمات محاضرة، وليس للإحاطة فهو أمر يطول ولا ضرورة له.