للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: أخرجه ابن جرير في التفسير إذ قال: حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عوف، عن محمد، عن عبيدة، ثم ذكر الأثر بطوله [٣٤] . قلت: رجال إسناده كلهم ثقات: يعقوب هو ابن إبراهيم الدورقي ثقة، ابن علية هو إسماعيل بن علية إمام كبير ثقة، وابن عوف هو عبد الله بن عوف المزني أحد الأعلام ثقة ثبت، ومحمد هو محمد بن سيرين أحد الأعلام التابعين، وعبيدة هو السلماني إمام ثقة زاهد، فكان هذا الإسناد صحيحا وليس بينهم انقطاع كما لا يخفي على من له علم بأسماء الرجال، ولا يخفى على أحد أيضا منزلة عبيدة السلماني العلمية إذ هو علم من الأعلام التابعين الكبار، ومخضرم ثقة، ثبت، قال الحافظ في التهذيب: كان شريح القاضي إذا أشكل عليه شيء من أمر دينه سأله، ورجع إليه، قال الإمام الذهبي: عبيدة بن عمرو السلماني المرادي، الكوفي، الفقيه العلم، كاد أن يكون صحابيا، أسلم زمن الفتح باليمن، وأخذ العلم عن علي، وابن مسعود، قال الشعبي: كان يوازي شريحا في القضاء، وقال العجلي: عبيدة أحد أصحاب عبد الله بن مسعود الذين يقرءون، ويفتون الناس، وقال ابن سيرين: ما رأيت رجلا أشد توقيا من عبيدة، وكان مكثرا عنه [٣٥] ، ومجد شأنه الحافظ المزي في تهذيب الكمال، ورفع منزلته فليرجع إليه من شاء، فهو إمام كبير، يأتي تفسيره هذا موافقا لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال الإمام علي بن حزم الأندلسي: الجلباب في لغة العرب التي خاطبنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما غطى جميع الجسم لا بعضه [٣٦] ، وصححه القرطبي في تفسيره، فالعاقل اللبيب يفهم أثناء نظرته في هاتين الآيتين الكريمتين ما أمر الله تعالى به المؤمنين، والمؤمنات من الستر والغطاء، وخاصة أمهات المؤمنين لشدة حرمتهن، وشرفهن وعظمتهن، لكونهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.