شابهه وهو قريب، فكيف بالغريب، أي فلتمت، ولا تفعل ذلك، وهذه الكلمة تقولها العرب كما تقول الأسد، والسلطان، والنار أي لقاءهما مثل الموت، والنار يعني أن خلوة ابن عم الزوج معها أشد من خلوة غيره من الغرباء، لأنه ربما حسن لها أشياء، حملها على أمور تثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه، أو سوء عشرته، أو غير ذلك اهـ.
قلت: فإذا كان الوجه والكفان ليستا من العورة، وجاز للنساء كشفهما أمام الأجانب، فلماذا هذا التشديد في هذه الأحاديث الصحيحة، ولماذا هذا التناقض بين تلك الأحاديث، وقد سبق أن قلت: تلك الأحاديث غير صحيحة، فلا يجوز أن يقال إنها متعارضة مع هذه الأحاديث الصحيحة التي فيها التغليظ الشديد، والتحريم الموثق، فلو كانت تلك الأحاديث والآثار التي يستدل بها بعض الناس على جواز كشف الوجه والكفين صحيحة الإسناد لكانت شاذة غير محفوظة في أنظار أهل الحديث، فكيف هي ضعيفة منكرة، فلا يحتج بها بحال من الأحوال، فلا ينبغي أن يقال: بعد هذا النقل أن الوجه والكفين ليستا من العورة استنادا على قول ابن عباس رضي الله تعالى عنه الذي سبق بيانه من ناحية الإسناد، وأما حديث الخثعمية الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري ومسلم في صحيحهما من حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكذا من حديث الفضل بن عباس وغيرهما من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في حديثه عند الإمام أحمد في مسنده.. واستفتته جارية شابة من خثعم، فقالت إن أبي شيخ كبير قد أفند، وقد أدركته فريضة الله في الحج، فهل يجزئ عنه أن أؤدي عنه، قال:"فأدي عن أبيك"، قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه:"ولوى عنق الفضل فقال له العباس: يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك؟ قال: رأيت شابا، وشابة فلم آمن الشيطان عليهما"، ثم ذكر بقية الحديث.