قلت: لا حجة في الحديث للذين يقولون بجواز كشف الوجه، والكفين لأنه صلى الله عليه وسلم أنكر على الفضل بن عباس إنكارا باتا، بأن لوى عنقه، وصرفه إلى جهة أخرى، وكان في هذا الصنيع من رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار واضح لأنه أنكر باليد، وقال الحافظ في الفتح ٦٨-٤: مشيرا إلى هذا الحديث، ويقرب ذلك ما رواه الحافظ أبو يعلي بإسناد قوي من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه عن الفضل بن عباس: قال: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم، وأعرابي معه بنت له حسناء فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها وجعلت ألتفت إليها ويأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسي فيلويه، فكان يلبي حتى رمى جمرة العقبة"ثم قال الحافظ: فعلى قول الشابة إن أبي، لعلها أرادت جدها لأن أباها كان معها، وكأنه أمرها أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم ليسمع كلامها، ويراها رجاء أن يتزوجها ثم قال الحافظ ٧٠-٤: وفي الحديث منع النظر إلى الأجنبيات، وغض البصر، وقال عياض: وزعم بعضهم أنه غير واجب إلا عند خشية الفتنة، قال: وعندي أن فعله صلى الله عليه وسلم إذ غطى وجه الفضل أبلغ من القول اهـ.
ثم قال الحافظ: روى أحمد، وابن خزيمة من وجه آخر عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: للفضل حين غطى وجهه هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره، ولسانه غفر له اهـ.