واستهوت بلاغة الكتاب الحكيم نفوس العرب الذين استولى عليهم سحر الكلمة إذ واجههم بما لم يألفوه في سوامق بيانهم من روائع المعاني، وبدائع الصياغات، فاستهانوا بأساليبهم بجانب أسلوبه الأعلى واستخفوا خطراتهم الفكرية بإزاء علومه الشاملة.. فإذا هم يقبلون عليه حفظا ودرسا، ويتنافسون في استيحائه نثرا ونظما وسلوكا.. وبذلك تفتت حواجز الفروق اللغوية والاجتماعية بين هاتيك الفرق، ثم ما لبثت أن انتهت إلى الانسجام الذي جعل منها خير أمة أخرجت للناس.. ومن هنا كان عظم فضل القرآن على العرب والعربية إذ نقل لهجاتهم من قيود الوحدات المحلية إلى آفاق اللغات العالمية، وأحال كياناتهم القبلية وحدة اجتماعية متكاملة لها أقوى ما لأعظم الأمم من وشائج القربى والاستمرار.