وما دمنا في حاجة إلى الدراسات الأجنبية في نطاق العلوم العملية فبالإمكان تدارك ذلك بافتتاح معاهد خاصة لتعليم اللغات الأخرى ضمن سنتين، لينطلق بعدهما لمتابعة دراسته في المادة المرادة دون تعثر.. وذلك على غرار مدرسة اللغات التي أنشأها محمد علي لإعداد البعثات التي رأى ضرورة إرسالها إلى الخارج.. وعلى شاكلة دار الترجمة التي أنشأها المأمون لنقل العلوم عن اليونانية إلى العربية دون أن يكره الناس على تعلمها في المدارس أو الجامعات، ولا أذهب بعيدا للتدليل على سداد ما أشير إليه، ففي الكثير من تجارب المملكة مع بعثاتها إلى الخارج ما يؤكد أن تأخير دراسة الأجنبية إلى ما بعد الثانوية خير وأجدى على المبتعث من أن يلزم دراستها قبل ذلك.. وفي المملكة _ ولعل منهم بيننا الآن _ حملة دكتوراه من الغرب كانوا قد تخرجوا في المعاهد العلمية، حيث انقطعوا إلى دراسة دينهم ولغتهم والعلوم التي لا غنى عنها للمثقف دون أن يدرسوا حرفا من الأجنبية إلا بعد أن توجهوا إلى بلادها ... على حين أن كثيرين ممن درسوا الأجنبية طوال المرحلة الإعدادية والثانوية لم ينتفعوا منها بشيء إلا بعد أن تفرغوا لها في بيئتها، فأقبلوا على دراستها من جديد.
وقل اعملوا:
ولعل من غير البعيد عن مهمة الجامعات ولاسيما في هذه المملكة الغالية أن تعمل لإنشاء مجمع علمي للغة العربية إلى جانب مجمع كبار العلماء، يحشد له أساطين العربية والمتخصصين في مختلف العلوم ذات الصلة بها سواء من داخل المملكة أو خارجها، يكون من مهامه متابعة التطورات العلمية، وإمداد الجامعات ومؤسسات الإعلام بما يسد الحاجة إلى المستحدثات اللغوية عن طريق الاشتقاق أو الاصطلاح أو النحت أو المجاز، وما يتصل بذلك مما تضمنته المعاجم القديمة من أصول يمكن الانتفاع بها إلى مدى بعيد في تنمية البيان العربي.