هذا بالإضافة إلى جهود تطوعية يقوم بها عدد من المدرسين وغيرهم من العرب وغيرهم، وكلهم ذوو اتجاهات متعددة إن لم تكن متباينة، وقد يخدم بعضهم أغراضا غير دينية، بينما يتوقع الناس أن يكون لهم جميعا صوت إسلامي واحد.
هذا بالإضافة إلى أن تفاوت مرتباتهم يجعلهم مختلفين على أنفسهم، ما بين أناس شغلتهم الدنيا عن الآخرة، وآخرين أغرقوا أنفسهم بما لا يجوز لهم من انهماك في تعويض ضالة المرتبات بالاشتغال ببعض الأعمال الإضافية التي تؤثر في صورتهم المثالية باعتبارهم دعاة مخلصين، والآن أتساءل: لماذا لا تكون هناك هيئة متخصصة في تدريب الدعاة، وفي تقويم ألسنتهم وفي تثقيف عقولهم وتنقيتها من البدع والخرافات، ثم ابتعاثهم إلى بلاد الله لنشر دين الله؟ ثم لماذا لا تكون المملكة هي المركز الأول الذي تتبعه جميع المراكز والمعاهد التي تتكفل بشؤون الدعوة في بلادها؟ لماذا لا تكون هناك وحدة في الإعداد والتوجيه بدلا من هذه الازدواجية في الإشراف والمتابعة والتمويل؟ ألا نستطيع أن نقضي على الفوارق الضارة في مجال الدعوة، امتثالا لقوله تعالى:{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}[١] .
لا جرم أن هذه الاختلافات في جهات الابتعاث تؤدي إلى آثار ضارة ووخيمة، وتقود إلى نتائج لا تحمد عقباها في مجالات الهداية والتأثير، أهمها ما يأتي:
١- أن الاختلافات المذهبية بين الدعاة تؤثر في نفور الناس منهم بلا استثناء، كما أنهم قد يتباعد بعضهم عن بعض كما قد يكيد بعضهم لبعض، وقد سجنت إحدى الحكومات الإفريقية مبعوثا ثم طردته من أرضها، لأنه أحدث الفرقة بينه وبين إخوانه، ثم أحدث بلبلة في نفوس المسلمين فكان جزاؤه الطرد لما تسبب فيه من شحناء بين المسلمين [٢] .