قد ينسى بعضهم كل ما تلقاه أو بعضه إزاء تكاسله عن أداء واجبه المقدس، حتى ليستفتيه الناس فلا يفتيهم، وما أكثر هؤلاء الآن في حقل الدعوة، وما عادوا يستحقون أن يلقبوا بالدعاة، ولذلك فإن من أوجب الواجبات على جهات الابتعاث أن يكون لديها تقريرات وافية ومفصلة عن نشاط الداعي، وتحركاته طوال شهر كامل، ومدى فاعليته في تبليغ الدعوة، وعدد من أسلموا عليه، وهل استطاع أن يربط قلوب الناس بالإسلام؟ ولا مانع مطلقا من رصد حوافز مادية أو أدبية للداعي، لأنه مهما كان مثاليا فهو قبل كل شيء بشر، أما أن نرسل الداعي إلى المنطقة التي اختير لها دون دراسة مسبقة عن شخصيته وملامح ثقافته، وما يعرف من لغات أو لهجات، وما يتحمل من صعاب أو مكائد، فذلكم هو العبث بعينه، وقد نستطيع أن نتعلم الكثير إذا أحطنا علما بطرق تدريب المبشرين، ووسائلهم في التنقل من مكان إلى مكان، وفي التأقلم مع ظروف كل بيئة على حدة، وفي دراسة لهجات القوم كأنهم عاشوا معهم منذ نعومة أظفارهم، أما نحن فنزود الداعية بطائفة من النصائح الشفهية غير الكافية، ثم نقذف به في خضم الموج ونقول له: لا تغرق، وهو لذلك في العادة يحيا على هامش المجتمع الذي نرسل به إليه، وإلا فكم من الدعاة أجرى مسحا شاملا اجتماعيا أو دينيا أو جغرافيا للإقليم الذي عاش فيه، وكم منهم من كتب بحثا مستفيضا عن عادات الشعوب وتقاليدها وخصائصها النفسية، وكم منهم استطاع أن يحقق أغلبية إسلامية في المدينة التي يقطنها، وكم منهم من استطاع أن يترك مؤسسات تعمل من بعده في الدعوة أو التعليم أو تحقيق التضامن الإسلامي.
يا صاحب السمو الملكي..
إن كل نجاح في ميدان الدعوة الإسلامية يبدأ من الداعي وينتهي به، وبقدر ما تنجح الهيئة العليا للدعوة الإسلامية في تدريب الداعي وتوسيع أفقه وتهذيب روحه فسوف يكون نجاحه كاملا بإذن الله، مع ضرورة وضع النقاط التالية موضع الاعتبار: