ما جنى المسلمون على أنفسهم وأولادهم في كثير من الدول الإفريقية والآسيوية بمثل ما جنوه حين عزلوا أولادهم عن نظام التعليم الرسمي في دولهم، اكتفاء بما أقاموه من مدارس متهاوية أو كتاتيب مختفية بين الغابات وفي المغاور وسموها مدارس إسلامية، وكان يمكنهم أن يفعلوا الشيء نفسه لأولادهم عقب انتهائهم من دراستهم اليومية في المدارس الرسمية الحكومية، التي تكفل لهم العمل بوظائف الحكومة، والانخراط في سلك الجندية، والرقي إلى المناصب الوزارية وبذلك يكونون أقدر على نشر دينهم، وخدمة بنيهم وذويهم، والإسهام في خدمة دينهم ودنياهم، ولكنهم للأسف وبدافع من الحب المكين لدينهم، فعلوا ذلك ثم التمسوا العون في إصلاح ما فعلوه.
عرضت هذه المشكلة لأنها من أخطر ما يصادف عمل الدعاة ويعوق انطلاقهم مع من ابتعثوا إليهم، حيث يبقى الجميع في معظم الدول وراء ستار، لا يتحركون إلا بصعوبة، ولا يملكون التأثير في غيرهم إلا بحذر شديد وجهد أشد، وكل هذا محسوب على عمل الدعاة ومقلل من أثره.
يا صاحب السمو الملكي.
هذا أوان الملحمة.. اليوم يبدأ العمل الجاد لخدمة أهداف الدعوة الإسلامية العالمية.
اليوم نترقب، ونحن في غاية الشوق واللهفة، إلى ما يعيد مجد الإسلام في ديار الإسلام على يد دعاة الإسلام.
سوف تدب الروح إن شاء الله تعالى في هذا الجسد الذي طالما أثخن بالجراح وهبت عليه سوافي الرياح، حتى كاد أن يقعد عن مواصلة الكفاح.
يا صاحب السمو الملكي، يا صاحب السمو الملكي، البدار البدار، قبل أن يرين اليأس على القلوب، فكم من نفوس تزايدت فيها الأنفاس، وكم من جماعات اشرأبت فيها الأعناق، وكم من دعاة طال عليهم الليل قد لمحوا أشعة الفجر، وهاهو ذا نور الدعوة يترامى في الآفاق، لا يحتاج في حمله إلى قلوب الناس إلا دعاة أخلصوا لله همتهم وعملهم، ليجزل الله ثوابهم ويضاعف أجرهم ويحسن عاقبتهم.