١-موضوع البحث في السقيفة: إن الذي يدرس الأقوال التي طرحت في اجتماع السقيفة، كما نقلتها الروايات الصحيحة يدرك من خلالها الموضوع الذي كان يبحثه الصحابة المجتمعون في السقيفة، وهو: المستوى الذي يقضي الإسلام أن ينتخب الخليفة منه: هل هو من المهاجرين؟ أم من الأنصار؟ أم من العرب كافة؟ أم من المسلمين عامة؟.. الخ. فإذا اتفقوا على المستوى الذي تدل عليه توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعض الظواهر العامة التي لها وزنها في هذا المجال.
فقام رجل من الأنصار فحمد الله تعالى وأثنى عليه وأدلى بوجهة نظره وهي أن الإسلام يقضي بأن يكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار، لوجود عدة ظواهر وإشارات من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن هذه الظواهر والإشارات:
كون المدينة المنورة هي بلد الأنصار وكونهم أنصار الله تعالى وكتيبة الإسلام، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إليهم، وكذلك المهاجرون هاجروا إليهم، فأصبحوا رهطا من الأنصار، ثم ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار"[١] .
لكن وجهة النظر هذه لم تكن تمثل رأي الأنصار كلهم ولا غالبيتهم بدليل وجود آراء أخرى أدلى بها الأنصار في السقيفة أو عبروا عنها بمواقفهم، فقد كان فيهم من يعتقد أن هذه الإشارات والظواهر التي تدل على فضل الأنصار لا تعني أن الخليفة يجب أن يكون منهم، فهذه فضائلهم عند الله سبحانه وأجرهم فيها على الله تبارك وتعالى ثم إن للمهاجرين - لا سيما السابقين منهم - فضائل كثيرة تربو على فضائل الأنصار - رضي الله تعالى عن المهاجرين والأنصار جميعا - ولذا فقد كان في الأنصار من يرى أن المستوى الذي يجب أن ينتخب الخليفة من هو.
(قاعدة الإسلام) وقد عبر قائلهم عن وجهة النظر هذه بقوله: منا أمير ومنكم أمير.