ونظرا لأهمية التقوى "الضمير الديني"في تحديد حسن استعمال الفرد لحريته الشرعية نرى الأنبياء جميعا قد اتفقوا على مبدأ استعمال الضمير الديني استعمالا مؤثرا ومخاطبة الفرد من خلاله. فما من نبي إلا وقد دعا قومه إلى تقوى الله من أجل أن يكون هناك ضمير ديني مؤثر:{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ}[١٩] . {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ}[٢٠] . والأمثلة على ذلك كثيرة.
وسائل تربية الضمير الديني:
من أجل أن يكون للفرد ضمير ديني مؤثر شرع الله من الأسباب ما يوصل الفرد إلى هذا الموقع المرسوم. ومن بين تلك الأسباب "العبادات"التي هي في ظاهرها علاقة بين العبد وربه وهي في معناها تربية الضمير الديني لدى الفرد الذي يجعله مشدودا إلى الجماعة بقوة روحية تحكم ميوله وتوجه إرادته، وتحدد سلوكه، فتحقق الالتزام والانضباط قبل أن تتدخل القوانين لرسم الطريق.
فمن صلاة تقي الفرد مواقع السقوط إلى صيام يربي العقل ويروض الروح ويعف اليد ويهذب اللسان، وإلى زكاة تغرس في الفرد حب التعاون والشعور بالمسؤولية، إلى حج يوفر للفرد امتزاجا اجتماعيا عالميا، إلى صدقة ترقق القلب وترهف الشعور.
وهكذا نجد أن العبادات الإسلامية تتجه إلى تهذيب ضمير الفرد ليكون مستعدا للتلاحم مع المجتمع الفاضل من أجل غاياته الفاضلة.
فإن القلوب إذا صلحت انعدمت فيها طاقة التفكير في الشر، والتخطيط للجريمة، والإصرار على الخطأ، فإن الجريمة تبدأ أول ما تبدأ في ضمير الإنسان وفكره قبل أن تأخذ طريقها إلى حيز التنفيذ:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"[٢١] ، "والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"[٢٢] .