للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحينئذ لن يكون من اليسير على هذا الفرد - وهو بهذا الموقع - أن يكون على السبيل المتعرج، والدروب الخلفية ما دام قد نصب من ضميره رقيبا على أعماله وحسيبا على تصرفاته.

وبهذه الرقابة الطوعية يكون الإنسان قد وجد نفسهن واكتشف ذاتهن وسلمت له الفضيلة بهذا المدد الذي جعله الله أساسا لاستقامة الحياة منذ أن خلقه الله وعلق به عمارة الكون: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [١٨] .

وللضمير الديني عند الفرد سلطان قوي وأثر فعال يفوق سلطان التشريعات الوضعية بكثير، من حيث الضمير موجه من غير أمر، ناصح من غير تهديد، مقنع من غير نكال.

أما التشريعات والقوانين الوضعية، فقد جبلت النفوس على النفور منها، والتمرد عليها، لأنها مفروضة من سلطة خارجة عن الاختيار، ويجد الفرد - في الأغلب - ما يبرر موقفه المناوئ والمتخبط من تلك السلطة ومن أجل هذا كانت التشريعات المتسمة بالإقناع والحجة ومخاطبة العقل والضمير أكثر تقبلا واستجابة. لأنها تخاطب سلطة الضمير الديني الذاتية النابعة من أعماق الفرد، وتهيمن على شؤونه، وتشرف على تصرفاته.

ولقد عبر القرآن الكريم عما نسميه الضمير الديني ب "تقوى الله"فندب المؤمنين إليها وحثهم عليها، وناداهم بوصف الإيمان ليحملهم حملا قويا على تنفيذ ما ندبهم إليه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .